youngmamy

فى قرية الأمل مركز الأمهات القاصرات .. الحلقة الأولى

Posted on: 2011/11/11

كتبت – أيات الحبال

وسط الزحمة.. ومن بين عشرات الأجساد المتلاصقة داخل أحد أتوبيسات النقل العام .. انبعثت ضجة عالية.. صرخات هستيرية وبكاء وشتائم .. أصوات متداخلة دفعتني لمكافحة الزحام والاقتراب من مكان الحدث..

وعندما دنوت رأيتها.. طفلة لا يزيد عمرها علي 15 عاما تحمل طفلا صغيرا وتنهال عليه ضربا بمنتهى القسوة، وكلما علا صراخ الطفل وزاد بكاؤه كلما اشتدت لكماتها ضراوة وظهرت القسوة على ملامحها الصغيرة..

أخذني الرفق بالصغير .. حاولت وحاول معي الكثيرون من الركاب تخليصه منها فلم نستطع، وانهالت علينا بالشتائم.. راودتنا الشكوك أن الطفل مخطوف، وزاد من شكوكنا هيئتها المزرية التي تدل بوضوح أنها متسولة تستخدم الطفل في التكسب , اتهمناها بذلك فلم ترد.. هددناها بالذهاب للشرطة فلم تبال.. وأخيرا قررنا الذهاب  إلى أقرب قسم وأجبرنا السائق على الذهاب.

وهناك كانت المفاجأة .. فبمجرد أن رآها الضابط عرفها على الفور وناداها باسمها قائلا .. جاية ليه المرة دي ؟ طردوك من الجمعية ولا إيه؟ فردت سريعا “بيتهموني ياباشا إني سارقة الواد”..

نظر إلينا ساخرا وقال : لا مش سارقاه ولا حاجة.. ده ابنها.. واسترسل : دي بنت غلبانة من بنات الشوارع  وبتروح هي وابنها دار الضيافة بجمعية الأمل..

ارتاح الجميع.. وانفض التجمع، لكن بقي السؤال .. إن كانت أمه بحق فلماذا تعامله بهذه القسوة؟.. وكيف تظهر على أم دلائل الكراهية لابنها على هذا النحو؟.. وهل من الطبيعي أن تكبرالأم وليدها بهذه الأعوام القليلة..؟!

أحلام صغيرة

فى مركز رعاية الأمهات الصغيرات التابع لقرية الأمل حوالى 25 أم أعمارهن تتفاوت بين 17 و20 عاما و30 طفلا قدر لهن أن يتحملن مسؤلية أطفال بدون أى مقدمات ودون سابق معرفة بكيفية تحمل مسئولية طفل وأسرة وتعرضن لظروف قاسية فى الشارع جعلتهم يلجأوا إلى الدار الرعاية .

ولكن لم يكن أفضل حالا فبعد دراسة عدد من حالات الأمهات المقيمات فى الدار والذين لم يستطيعوا العيش فيه وأضطروا للعودة للشارع تبين أن مراكز الرعاية تعطى أهتمام كبير لاستخراج أوراق ثبوتية للأطفال وقسيمة زواج للأمهات ولكن لا تقدم أى رعاية صحية أو نفسية للأمهات وبالإضافة إلى ذلك تلجاء الجمعية للتخلص من حمل الفتاة إلى تزويجها بشكل شرعى لأى شخص دون التحقق من هويه هذا الشخص أو إذا كان مسجل خطر أو مطلوب فى قضايا .

 كما أنها لا توفر للأمهات الرقابة الكافية مما يجعل البعض منهم يخرج خارج السيطرة ويعود للشارع مرة أخرى وبالتالى لا توفر هذه الجمعيات الخدمة التى يمكن أن تحول حياة الأم من أم شارع إلى زوجة وأم عادية ومن هنا خرجت لنا أزمة أسر الشوارع وأطفال مجهولى النسب .

حكايات من قرية الأمل

“شهادة ميلاد ، قسيمة زواج، الأمان”  هذا كل ما تحلم به  ” م.ا” 15 عاما، التي أوضحت أنها تقيم فى الدار منذ  وكانت بداية تواجدها لدى المركز كضيفة في الاستقبال النهاري التابع للجمعية، وبعد أن أنجبت أحمد طلبت الإقامة فى مركز أمهات قاصرات للحفاظ على نفسها وطفلها من بطش الشارع .

حيث تعود  أسباب نزولها الشارع هى أنفصال والديها ومعاناتها مع زوجة أبوها التى كانت تضربها بشكل مبرح هى وأخواتها الثلاثة حتى أن قرروا الخروج للشارع وأفترقوا

لم تكن حايتها فى الشارع أفضل حلا فعاشت فى الشارع 5 سنوات كانت تبيع مناديل فى إشارات المرور وأضطرت للعمل عند تجار مخدرات ومن خلال هذه العائله تعرفت على والد طفلها  وتعرضت للإغتصاب أكثر من مرة حتى أكتشفت أنها حامل وقامت العائلة بطردها .

وعندما تذكرت لحظات الولادة  انخرطت في بكاء حاد وقالت  “ولدت ابنى فى حمام عام.. بعدها على طول رحت على أقرب مستشفى مشىى وهناك قابلت واحدة عرفت حكايتي وكانت عايزة تاخد الواد وتكتبه باسم جوزها، رفضت وهربت من المستشفى وفضلت 11 يوم فى الشارع أنا والمولود، ما كنتش عارفة أتعامل معاه ازاي وناس كتير فى الشارع حاولوا يخطفوا ابنى وعشان كده جيت المركز عشان اعرف أحافظ عليه .”

المشكلة التى تواجه الأم الصغيرة الآن أن سنها الصغير وعدم تمكنها من استخراج بطاقة  يجعلهم في الدار عاجزين عن عقد زواجها على والد طفلها الذي وافق بعد جهود على الزواج من أم ابنه، أو استخراج شهادة ميلاد لأحمد.

ولد ولا بنت

“مش عارفة اوفر لبنتى الأمان ” قالتها  ( ص .ب)17 عاما، لأن طفلتها بلا شهادة ميلاد فلا تمتلك إلا ورقة اعتراف تثبت نسب طفلتها لوالدها الذى يقضى فترة عقوبة 3 سنوات فى السجن هي أيضا لا يمكنها أن تتزوج منه لأنها لم تصل إلى السن القانونى للزواج (18 عاما)..

قالت أنها تزوجت من والد طفلتها فى الشارع بورقة عرفى ، وبمجرد ما حصل الحمل أتهم فى قضية وأخد حكم 3 سنوات أدى ذلك إلى أزمة لدى الأم انها لم تستطيع استخراج ورق رسمى لطفلتها .

حول خروجها للشارع  الذى كان منذ 10 سنوات أوضحت أنها من الأسكندرية وكانت تبيع مناديل على البحر وهى لا تجيد القراءة ولا الكتابة ، وكانت تعيش مع أسرتها المكونه من 9 اخوات ولكن قررأبوها تقريفهم فى الشوارع حتى يتزوج بعد أن تركتهم أمهم وتزوجت شخص كان يعتدى عليها ومدمن مخدرات ولذلك أضطرت إلى الحياة فى الشارع بدل من العيشة فى مع  أبويها وفى الشارع تعرضت للأغتصاب الذى أدى للحمل 3 مرات ولكنها فقدت أول جنين وقامت إحدى العصابات بسرقة طفلها الثانى وهى تريد الأن الحفاظ على بنتها الأخيرة.

اما” ش . ى 20 عاما” ..فالقلق باد عليها بوضوح ويسيطر على كل تصرفاتها، سألت عن السبب فعلمت أنها تنتظر مولودها الأول وأبو طفلها لا يريد الاعتراف به، حاولت الجمعية إعادتها إلى أسرتها إلا أن الفتاة رفضت .. فأسباب هروبها مازالت قائمة والتى تتمثل فى أن أخوها كان دائم الإعتداء عليها ولا أحد يحميها منه على الرغم أن والديها واخوتها يسكنوا فى منزل واحد وحياتهم مستقرة إلا أنها قررت الهرب من المنزل وعاشت فى الشارع على أنها ولد بعد أن قصت شعرها وكانت ترتدى ملابس رجالى حتى أكتشفت أحد فتيات الشوارع أنها بنت ومن هنا بدات رحلة معانها والتى أنتهت إلى حملها .

خدمات أجتماعية

من أبرز الخدمات التى تقدمها الجميعات الاهلية للمقيمات هى إعادة التأهيل الإجتماعى وهذا ما أكدته  شيماء عبد القادر الأخصائية الاجتماعية بالمركز حيث أوضحت أن المركز لدية  حوالى 25 أم  و30 طفلا، قامت الإدارة  بتزويج 10 منهن إما من آباء أطفالهن أو من أشخاص آخرين لأن هدف الجمعية هو توفير أسرة  صالحة للطفل، ولذلك كل بنت يتم زواجها تعيش هى وطفلها فى منزل زوجها، ونقوم بمتابعتها في حياتها الجديدة من فترة لأخرى حتى نساعدها علي مواجهة أية مشاكل تصادفها وحلها قبل أن تؤثر على حياتها الزوجية، وإذا لم نتمكن من تزويج الفتاة نساعدها فى توفير سكن وعمل حتى لا تعود للشارع مرة أخرى “.

تضيف: “المشكلة التى تقابلنا أن معظم البنات اللاتي أنجبن فى الشارع يكن قد سبق لهن الحمل والولادة ولكن تعرض أبناؤهن إما للخطف أو البيع بثمن لا يتجاوز 5000 جنيه، وذلك نتيجة إما لصغر سن الأم وعدم قدرتها على توفير الأمان لها ولطفلها، أولتعرضها للاعتداء مرات عديدة حتى أن هناك بنات تضطر لربط طفلهن بحبل فى يديها أثناء النوم حتى لا يتم اختطاف طفلها، وهذا يجعلها في حالة نفسية سيئة جدا وفاقدة الثقة في الجميع أ فرادا ومؤسسات مما يصعب من عملية تأهيلها، أما المشكلة الأصعب أن بعض البنات لا يعرفن والد طفلهن نتيجة تكرار اغتصابها من أكثر من شخص “.

الأمومة تأهيل وإصلاح

وعن كيفية رعاية المركز لهذه الحالات تجيب شيماء: ” نحاول إعادة تأهيلهن لإزالة آثار الخبرة السلبية التى اكتسبنها من الشارع، ودائما ما نقول للأمهات إن الحياة بالجمعية مرحلة انتقالية والأصح أن يعيش الأطفال فى أسرة ونؤهلهن مع أطفالهن على هذا الوضع  نفسيا واجتماعيا. ولذلك يتولى المركز رعاية الفتاة حتى سن 18 فقط بعدها تخرج للحياة.

وحول القسوة التي تعامل بها تلك الأمهات أبناءهن تقول: هؤلاء البنات لا يعرفن معنى الأمومة لأنهن أطفال أمهات لأطفال، ومعظمهن يرفضن أولادهن ويسيطر عليهن الإحساس بأنهم عبء  ثقيل، ولذلك نعلم كل أم مدى المسئولية التى وقعت عليها وكيفية الاعتناء بطفلها من أول النظافة الشخصية حتى كيفية تقويم سلوكه، ومحاولة خلق ثقة بينها وبين طفلها.

الكل ضحايا

يرى محمود الشيخ ،نائب مدير المركز بقرية الأمل، أن معظم الظروف التى أدت إلى خروج البنات إلى الشارع هى التفكك الأسرى لافتا أن الفتاة بمجرد هروبها أو طردها   تتعرض للاغتصاب والحمل فترفضها الأسرة، لذلك تقوم الجمعية بالبحث عن والد الطفل واستخراج شهادات الميلاد والأوراق الرسمية للأطفال، وبالفعل نجحت الدار في عمل أوراق رسمية لأكثر من 30 طفلا .

ويشير إلى أن مشكلة الأطفال مجهولى النسب هى الأكبر لديهم لأنه بالرغم من اعتماد قانون الطفل الجديد الذى ينسبه إلى جده لأمه، إلا أنه لم يتم العمل به فى المصالح الحكومية ومكاتب الصحة دونما سبب معروف، لافتا أن لديهم 9 حالات فى القرية مجهولى الأب ويحاولون جاهدين الوصول لآبائهم.

5 تعليقات to "فى قرية الأمل مركز الأمهات القاصرات .. الحلقة الأولى"

الموضوع مميز وجميل ويتناول القضية من وجهة لم يتناولها احد من قبل وهي التوثيق مع الضحايا

الف شكر وتابعنا وشير بقا وارجو اللى عنده صور او حكابات خاصه باطفال واسر الشوارع يشاركنا

اده الابداع يا ايات، الله يعطيك الف عافية يا رب….موضوع مهم ويستحق المتابعة فعلا

الف شكر يا مصعب واحنا فى الخدمه بردو معاك يا ريس المهم انتظر باقى الحلقات والشغل الباقى

ما شاء الله يا ايات موضوع جد مهم ومن اهم المشاكل الانية ,خلال عملي واجهت حالات كثيرة من هذا النوع وللاسف ان من حرم من الحنان والعطف لا يستطيع اعطائه للابنائه والكارثة العظمى يا اختي هي ان البنات اللاتي يكبرن في الشارع يعدن نفس قصة الام في غياب اسر اومؤسسات تتكفل بهم
ان اطفال الشوارع يلزمهم مسؤولين من ذوي الضمير وليس مسؤولين يحتمون وراء العمل الجمعوي ليحققوا اهداف لا تبت للعمل الاجتماعي بصلة
تحياتي والى الامام دائما

يشرفنا مشاركتكم وتعليقكم

نوفمبر 2011
د ن ث ع خ ج س
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
27282930  

Blog Stats

  • 574 hits

NetworkedBlogsBlog:youngmamyTopics:  Follow my blog